المغرب كما رآه الكاتب الأرجنتيني الكفيف بورخيس

MICROTV
2024-08-17T11:03:42+00:00
فن وثقافة
MICROTV17 أغسطس 2024آخر تحديث : السبت 17 أغسطس 2024 - 11:03 صباحًا
المغرب كما رآه الكاتب الأرجنتيني الكفيف بورخيس
الكاتب العالمي الراحل خورخي لويس بورخيس لم يتمكن من رؤية المغرب لكنه كان يُقدر كثيرا عالم الأصوات الصادرة عن مجتمع نابض بالحياة.

بوينوس آيريس – زار الكاتب الأرجنتيني العالمي الراحل خورخي لويس بورخيس في العام 1984 المغرب، وكان حينها قد صار كفيفا منذ سنوات، لكن فقدانه للبصر لم يمنعه من خوض تجربة حسية مؤثرة.

ويسلط مدير المجلة الأدبية الدولية (SureS)، سانتياغو دي لوكا، ومنسق الفضاء الأرجنتيني-المغاربي “خورخي لويس بورخيس” الضوء على هذه المحطة من حياة بروخيس التي لم تلق الكثير من الاهتمام، مركزا على شعور كاتب استثنائي إزاء ثقافة فريدة وأصيلة.

ويرى دي لوكا أن “بورخيس والمغرب التقيا جسديا في نهاية حياته”، قائلا “لكن لدي انطباع بأنهما يعرفان بعضهما البعض منذ فترة طويلة: المغرب بورخيسي، وبورخيس يسكن استعارات المغرب”.

وحل ساحر الأدب الإسباني، بمبادرة من الملك المغربي الراحل الحسن الثاني، كضيف شرف على المؤتمر العالمي السابع للشعر الذي نظم في أكتوبر/تشرين الأول 1984 بمراكش، وذلك تحت رئاسة الشاعر والرئيس الأسبق للسنغال ليوبولد سيدار سنغور، وفق ما قاله دي لوكا في حديثه لوكالة المغرب العربي للأنباء.

وتابع أن بورخيس “لم يتمكن من رؤية المغرب (كان قد أضحى كفيفا) لكنه شعر به. كان قادرا على لمسه، وشمه، ووفقا لبعض الشهادات، فإنه كان يقدر كثيرا عالم الأصوات” الصادرة عن مجتمع نابض بالحياة.

وأضاف “مع غروب الشمس، تأثر بورخيس بصوت الأذان المرتفع من المساجد المجاورة”. هذا الإحساس رصدته ثم سردته زوجته ماريا كوداما، التي رافقته أثناء إقامته بالمدينة الحمراء.

وكان بورخيس بساحة جامع الفنا مفتونا بالأصوات الموسيقية وعروض “الحلايقية” (الحكواتيين) الذين يملؤون هذا الفضاء الشهير، حتى دون أن يفهم اللغة.

رغم أنه لم يزر المغرب سوى مرة واحدة، إلا أن بورخيس استطاع أن يخلق، من خلال قراءاته ومخياله، روابط عميقة بالمملكة وبتراثها الثقافي والروحي الغني

ووجد بورخيس “نفسه بين هؤلاء الرواة لأنه كان، على طريقته، راويا مثلهم. لقد كان ينتمي إلى هذه المدرسة القديم من الرواة المغاربة” الذين ينقلون الجمهور إلى آفاق موازية لعالم بورخيس، وفقا لدي لوكا.

ورغم أنه لم يزر المغرب سوى مرة واحدة، إلا أن خورخي لويس بورخيس استطاع أن يخلق، من خلال قراءاته ومخياله، روابط عميقة بالمملكة وبتراثها الثقافي والروحي الغني الذي يظهر في أعماله كمكان رمزي وفضاء تتقاطع فيه العوالم، وتمتزج فيه أصداء اللانهاية والتصوف.

ولفت دي لوكا إلى أن بورخيس في رحلته الأدبية كان “جد منفتح على الأدب العربي بشكل عام، من قبيل شعر قبيل الإسلام أو الجاهلي الذي علق عليه في مؤلفه. وبالمثل، كانت قراءته لألف ليلة وليلة الأقوى على الإطلاق باللغة الإسبانية”.

وتتذكر الشاعرة الفنزويلية آنا ماريا ديل ري التي كانت حاضرة أيضا في مراكش عام 1984، حديثها مع بورخيس حول إقامته بالمدينة الحمراء، حيث أسر لها بأنه “في كل صباح، يوقظني المؤذن ويغمرني الفرح. لقد تأثرت بصلوات المؤمنين”. لقد كشف هذا الاعتراف عن كون التصوف الروحي طالما كان حاضرا في نفس بورخيس.

ففي إحدى قصائده التي كتبها في روندا بإسبانيا، أشاد بورخيس بسحر المغرب والشرق بشكل عام، من خلال هذه الكلمات “في الظلام الرقيق للعمى، صمت مقعر في الأفنية، تسلية من ياسمين وهمس خفيف للماء الذي يستحضر ذكريات الصحارى”، مما يكشف أن بعضا من القصص التي كانت تروى على مدى قرون في جامع الفنا أيقظت لدى خورخي لويس بورخيس انبهارا كبيرا بالعالم العربي الإسلامي.

وعلى الرغم من أن هذه المحطة من حياة بورخيس نادرا ما يتم تسليط الضوء عليها، إلا أن رحلته الوحيدة إلى المغرب، قبل سنتين من وفاته، كانت لقاء بين كاتب وفضاء لطالما استكشفه من خلال قراءاته، مستعينا بخيال خصب رغم فقدانه للبصر.

وقدم المغرب لبورخيس تجربة حسية وفكرية مكثفة، وفقا للشهادات القليلة المتوفرة حول ذلك، ورغم أن تجربة الكاتب الأرجنتيني الراحل المغربية جاءت متأخرة، إلا أنها أضفت عمقا على أعماله، وأكدت مكانته ككاتب عالمي، قادر على تجاوز حدود الزمان والمكان.

وتبدو المدن المغربية وأزقتها المتعرجة في مخيال بورخيس، وكأنها مساحات من كتاباته الخاصة المؤثثة بمتاهات أدبية. هذه الأماكن التي تمزج بين الماضي والحاضر، حيث يتعايش المقدس والدنيوي، من شأنها أن تردد صدى هواجس بورخيس الأدبية المتشابكة.

خورخي لويس بورخيس كاتب أرجنتيني عاش بين 24 أغسطس/آب 1899 و14 يونيو/حزيران 1986، ويعتبر من أبرز كتاب القرن العشرين، وهو بالإضافة إلى الكتابة فقد كان شاعرا وناقدا وله عدة رسائل، ترجمت أعماله إلى الإنكليزية والسويدية والعربية والإيطالية والألمانية والفرنسية والدنماركية والبرتغالية. وبدأت شهرته الدولية في مطلع عقد 1960، ففي عام 1961 حصل على جائزة فورمنتر مشاركة مع صاموئيل بكيت. ولما كان هذا الأخير معروفا وذا اسم عند متكلمي الإنكليزية في حين كان بورخيس غير معروف عندهم وأعماله غير مترجمة، أخذ الفضول يدور حول هذا الكاتب المغمور الذي شارك الجائزة مع بكيت.

ع م ميدل ايست اونلاين

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.