في أقصى زوايا إقليم آسفي، تتآكل مدينة جمعة سحيم بصمت، وتنهار معالمها الحضرية والبيئية أمام أعين الجميع دون حسيب أو رقيب. لم تعد المدينة تحتمل المزيد من العشوائية واللامبالاة، بعدما غرق كل شيء في مستنقع الإهمال، من الشوارع إلى المرافق، ومن الأسواق إلى الأرصفة.
الملك العمومي هنا ليس ملكاً لأحد. الأرصفة محتلة، الطرقات متآكلة، والمجال العام تُسيّره الفوضى العارمة، في ظل غياب أدنى أشكال التنظيم أو التدخل. الكل يضع يده على ما يشاء، دون وجود معايير، ودون احترام لأبسط شروط التعايش الحضري.
أما محلات بيع الدجاج، فقد تحوّلت إلى مشاهد مقززة، يُذبح فيها كل شيء عدا شروط السلامة. دماء تتسرب في الأزقة، روائح تزكم الأنوف، وأزبال عضوية تتكدس يوماً بعد يوم، دون تنظيف أو مراقبة، لتخلق بيئة متعفّنة لا تليق لا بالإنسان ولا بالحيوان.
المرافق العمومية؟ باتت شبه مهجورة، مهملة، منتهكة. دورات مياه متهالكة، فضاءات بدون صيانة، وساحات أصبحت مكبّات نفايات مفتوحة على كل أشكال التلوث. كل شيء في المدينة يوحي بالانكسار، وكأن لا أحد يعير اهتماماً لمعاناة السكان.
ثم تأتي الكلاب الضالة لتُكمل الصورة القاتمة. تجوب المدينة ليل نهار، في جماعات، تنبح، تهاجم أحياناً، وتبث الذعر في الأحياء السكنية، دون أي تدخل أو برنامج للحد من تكاثرها.
الصورة العامة قاتمة، والمشهد يشي بأزمة خانقة في التخطيط، والمراقبة، والتدبير اليومي لشؤون المدينة. إنها مدينة تتدحرج ببطء نحو الهاوية، وسط صمت يثير أكثر من علامة استفهام.
جمعة سحيم لم تعد فقط تئن، بل تختنق… والسؤال لم يعد من يراقب، بل: من لا يُبالي؟
المصدر : https://www.microtv.ma/?p=42926