إن خدمات عموم الساكنة تتطلب وجود تدبير عمومي ترابي قويم يعتمد على الوسائل والطرق الحديثة للتسيير الاجتماعي والإداري من أجل النهوض بالعمل العمومي الهادف والحكيم.
ذلك أن التدبير العمومي مرتبط حتى النخاع بالعنصر البشري الراغب في خلق تنمية مجاله ترابية رهينة بما ستنزله النخب السياسية المحلية على ارض الواقع من ابتكار وتطور بمستوى جدي وعملي حديث وملائم وليس بدائي وسليط ومستبد فكرا وممارسة، لان النخب الواعية بما على كاهلها من مسؤوليات تعتمد الالتزام بالمصداقية وتسعى جاهدة الى التأهيل الفكري والإداري والتنظيمي أغلية كانت او معارضة مع ضرورة توفرها على القدرة لتبني الأفكار الحديثة والتدبير الحكيم الذي يمكنها من وصفة علمية دقيقة تخلص المجال الترابي من إرث الماضي العديم وتصونه من الممارسات السلبية وتبشر بحاضر مشرق جميل ومستقبل رائد وسليم.
ولهذا ومع اقتراب موعد الإنتخابات فإن الأحزاب السياسية مطالبة ومدعوة بإلحال وأكثر من أي وقت مضى لاختيار نخبها للمشاركة في الإستخقاقات القادمة إلى جانب الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وما سيتطلب ذلك من اختيار رزين ومسؤول من طرف المواطنين والمواطنات من اجل القطع مع أساليب التدبير الماضي التقليدي العديم الى اعتماد الوسائل الحديثة والناجعة والمسؤولة في التدبير. الجيد للشان العام المحلي والوطني،
فلقد أثبتت الممارسة السابقة أن السبب في تردي وتدني تدبير الشأن الترابي يرجع بالأساس إلى ضعف تكوين المنتخب الجماعي وضآلة تجربته في جميع الميادين بحيث تواجهه مجموعة من الصعوبات تهم أساسا انعدام الخبرة الكافية التي تمكنه من ممارسة مهامه بفعالية إما بسبب غياب التكوين أو بسبب عدم توفره على المؤهلات اللازمة لمزاولة مهامه باقتدار فضلا عن تفشي ظاهرة الأمية وانعدام التربية الوطنية والإنسانية في أوساط المنتخبين وهو ما يمكن معه القول غياب أي دور للمنتخب في تدبير الشأن الترابي وفق ما هو منصوص عليه في القوانين التنظيمية وهو ما يجعل منه فقط أداة لتمرير القرارات والمصادقة عليها بلا وعي ولا مسؤولية وبدون رقابة حسابية.
ذلك أنه راجع بالأساس الى ضعف النخب السياسية الناتج عن تخلي الفئة المثقفة المشاركة في الإستحقاقات الإنتخابية وترك الميدان فارغا لغيرها لترتع فيه فسادا، مع انعدام التكوين وانعدام الحوافز وخلق العديد من مظاهر الفساد الإداري والمالي الذي يؤدي بشكل كبير إلى كبح الجناح وعرقلة التنمية بشكل كبير ما ساهم في سوء التدبير والتماطل في تنفيذ المشاريع التنموية واتساع رقعة دائرة التسلط والتعسف في استعمال السلطة وسيادة البروقراطية وتعقيد المساطر الإدارية وضعف التواصل مع الساكنة وعدم الإستجابة لمتطلباتها وبيع الصفات والدمة بالملايين والإستفادة من ريع الأحزاب لتعليم الابناء خارج الوطن والى ما ذلك من الامور التي تقيدهم في السعي الى تحقيق التنمية المجالية في جماعاتهم الترابية، فتتجاوز هذه المعيقات الظروف وتعرقل أنشطة الجماعة التي تمس بالأساس الساكنة وتضيع منها حقوقها الاجتماعية والاقتصادية ما يدعي الى ضرورة إتاحة الفرصة للكفاءات لتولي مناصب المسؤولية بحسب الإستحقاق والجدارة أكثر من المصالح الذاتية أو الحزبية وإعادة روح الثقة بين الناخب والمنتخب من خلال ضمان الشفافية في العمل وصدقية القول مع الفعل وذلك بشكل يجعل من المنتخب مصدر سلطة وصاحب قرار يمكنه من الاستجابة لتطلعات وطموحات السكان بدء من رئيس الجماعة كمفعل أساسي للتدبير التشاركي مرورا بالمستشارين الجماعيين باعتبارهم دعامة أساسية للديموقراطية التشاركية.
بقلم : نجيب عبدالعزيز منتاك
المصدر : https://www.microtv.ma/?p=40052