إن أغلب الأراضي الطينية بمقابر البهاليل قد امتلأت ولم يبقى منها سوى الأراضي الصلبة التي يصعب الحفر فيها يدويًّا لذا وجب جواز الاستعانة (باطراكس) أو بآلات مماثلة لحفر القبور، ما دفع بالمجلس الجماعي لمدينة البهاليل مشكورا الشروع في ذلك بهذه الوسائل مع الإحاطة في إدخالها بعدم المرور فوق القبور احتراما لشخص الإنسان الذي كرمه الله حيا وميتا، بعد أن قام بمجهودات جبارة للحصول عليها وحفر القبور بها سعيا للإسراع لتسهيل الدفن، والسلامة من تسرب الأمطار إلى جوفها، وبما انها حجرية فلا حرج في حفرها بالآلات الثقيلة للضرورة.
ولذلك نأمل أن تكون المقابر مثل الحدائق الحضرية العامة، لانها جزء مهم من النظام البيئي المجالي للمدينة، وذلك بوفير موائل شبه طبيعية للعديد من أنواع النباتات بجانب القبور إضافة إلى وضع مجموعة واسعة من خدمات النظام البيئي معها وفتح مسارب بجانبها حتى لا يتم المشي فوقها، لانها ستعمل على تحسين جودة الهواء، وستحافظ علي المكان باطنيا وظاهريا وتوفر له القيمة الجمالية، وتحسن دور المقابر في شبكة البنية التحتية الخضراء بما يتجاوز دورها المقدس والتذكاري، حفاظا على البنية التحتية، وإسهاما في سياحة المقابر، وخدمات النظم الإيكولوجية.
ومع ذلك، فإن أعمال الكشف عن موضوع المقابر باعتبارها بنية أساسية خضراء فهي كذلك مساحة سياحية تهدف إلى تحليل دور المقابر الحضرية في الحفاظ على التنوع البيولوجي وتحمي كذلك الطبيعة والخدمات البيئية خاصة بإمكانات الموائل التي تنور المجال وتقلل من فرض التلوث على البيئة الحضرية، وتساهم في جودة كمية المساحات الخضراء، وتحد من انحدار التنوع البيولوجي، وتدهور النظم البيئي، وانفصال البشر عن الطبيعة، حتى لا يؤثر ذلك على صحة الساكنة العقلية والجسدية، بما في ذلك رفاهيتهم وحسن تنوعهم والتكثير من الزيارة اليهم، وعندما نتحدث عن المساحات الخضراء الحضرية، فإننا نذكر عادةً في خلق الغابات الحضرية مثلا، أو أزقة الأشجار، والحدائق والمتنزهات والمساحات الخضراء، وعدم تجاهل المقابر في ذلك بشكل متكرر وعدم إهمالها منه ويجب تزيينها به ليجعلها محل اهتمام وافتخار وتكرارا وديمومة للزيارات والترحم.
بقلم : نجيب عبدالعزيز منتاك
المصدر : https://www.microtv.ma/?p=39715
