يعتبر الإضراب أحد أشكال الرفض والتمرد التي يرد بها الأجير المستعبد للحد من الاستغلال والاضطهاد والتحرر الشامل من غطرسة رب العمل.
وقد كان الإضراب، في العالم أجمع، حدثا مألوفا سواء داخل المقاولات، أو المرافق العمومية، محليا كان أو على مستوى الوطن ككل. بل أحيانا يشمل الإضراب بلدانا عديدة دفعة واحدة في إطار فروع شركات متعددة الجنسيات. ويحقق هذا الانتشار الواسع للإضراب، رغم القوانين الهمجية التي تقلصه أو تمنعه، من انقسام المجتمع المتزايد إلى أقلية مالكة مستبدة وأكثرية معدمة ومضطهدة. فنمو ظاهرة الإضرابات ترافق مع نمو الرأسمالية وانتشارها. فالنظام الرأسمالي مبني على احتكار حفنة مستغلين للخيرات ووسائل الإنتاج، مما يجعل المجردين من الملكية مضطرين إلى بيع قدرتهم على العمل ليستمروا على قيد الحياة.
وبعد أن صوت مجلس المستشارين باعتباره الغرفة الثانية في البرلمان مساء الاثنين بالأغلبية على قانون تنظيمي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بحضور 48 عضوا من بين 120، صوت 42 منهم لصالح المشروع في حين صوت 7 بالرفض، تضمن القانون الجديد تعديلات مهمة تهدف إلى تحقيق التوازن بين حقوق العمال وضمان استمرارية النشاط الاقتصادي. ومن أبرز هذه التعديلات:
1- توسيع نطاق ممارسة الإضراب:
تمت إضافة إمكانية تنظيم الإضراب للدفاع عن المصالح غير المباشرة للعمال، مثل التضامن السياسي والدفاع عن الحريات النقابية.
2- تقليص آجال التفاوض والإخطار:
خُفضت مدة التفاوض من 30 يومًا إلى 10 أيام في القطاع الخاص، ومن 15 يومًا إلى 7 أيام للإخطار بالإضراب.
3- حماية حقوق العمال:
تم تشديد العقوبات على المشغلين الذين يعرقلون حق الإضراب، مع تخفيف العقوبات على المضربين المخالفين للقانون.
4- تعزيز الحرية النقابية:
تم منح النقابات ذات التمثيلية الحق في الدعوة إلى الإضراب على المستوى الوطني أو القطاعي.
أما فيما يخص المادة الرابعة التي تم التصويت عليها بالإجماع بمجلس النواب، فلم تتغير وللتذكير تم فيها توسيع الفئات التي يمكن أن تمارس الاضراب. ففي نسخة سنة 2016، كانت ممارسة الإضراب مقتصرة على الأجراء في القطاع الخاص والموظفين في القطاع العام، و أصبح هذا الحق يشمل اليوم المهنيين بجميع أصنافهم والعاملات والعمال المنزليين والعمال المستقلين والعمال غير الأجراء.
ولهذا يعتبر القانون التنظيمي للإضراب ضمن القوانين شديدة الأهمية والحساسية، كما جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله في افتتاح الدورة التشريعية بالبرلمان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مبرزا على أن بلورته “تقتضي إجراء استشارات واسعة والتحلي بروح التوافق البناء، بما يضمن حقوق الفئة العاملة ومصالح أرباب العمل ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
بقلم : نحيب عبدالعزيز منتاك
المصدر : https://www.microtv.ma/?p=39144