المملكة المغربية ضيف شرف الدورة المقبلة من معرض الشارقة الدولي للكتاب (2024). وكما هو معروف في تقاليد المعرض، تشكل هذه المناسبة الاحتفائية بثقافة بلد عربي عريق فرصة جميلة لقراءة تاريخ المغرب وآدابه وفنونه وتراثياته الشعبية الخصبة. هي فرصة مثلاً لقراءة كتاب المغرب كما رأيته، تأليف ماتيلد زينيس، وهو هنا مغرب أوائل القرن العشرين (ترجمة: سعيد عاهد)، وقد وضعت في أولويات قراءاتي عن المغرب هذا الكتاب الذي عثرت عليه في الإنترنت. لكن من الكتب الجميلة التي قرأتها منذ سنوات كتاب أصوات مرّاكش، لإلياس كانيتي الكاتب البلغاري (1905-1994) الذي زار المغرب في العام 1953، وفيه تكثيف جمالي حقيقي لمدينة حياة ومدينة أسواق وظواهر ثقافية شعبية تجعل من الكتاب أشبه بقصيدة مشغولة من الأصوات.
عاش في المغرب الكاتب الأمريكي بول بولز (1910-1999)، وعاش تحديداً في طنجة.. طنجة هذه الجاذبة لكتاب وشعراء وفنانين عرب وأوروبيين وأفارقة وآسيويين، ولطالما أمضيت ساعات طويلة إلى جانب الصديق الشاعر الإماراتي عبد العزيز جاسم الذي عاش هو الآخر في طنجة فترة رائعة في حياته، وهناك لم تكن حياة عبد العزيز سياحية أو عبثية، بل كانت حياة مثقف حقيقي قرأ المكان وناسه ويوميّاته، وشكّل في طنجة بمفرده حالة ثقافية محترمة نظر إليها مثقفو طنجة بعين الإعجاب.
الكاتب الفرنسي جان جينيه (1910-1986) أوصى بدفنه في المغرب، وقبره قائم الآن في مدينة العرائش القريبة من طنجة.
هذا مقطع صغير من جاذبية المغرب الثقافية والجمالية لكتّاب العالم حين نحتفي بهذا البلد العربي الغزير في تنوّعه الأدبي وباللغة العربية بشكل خاص، بل، وحتى الكتّاب المغاربة الفرانكفونيّون يبقون دائماً مشدودين ثقافياً ونفسياً إلى اللغة العربية.
في المغرب ظاهرة ثقافية فكرية ونقدية تستوقفنا نحن هنا في المشرق العربي، هي الحقل الجامعي المغربي الذي خرج من بنيته الأكاديمية مفكرون وفلاسفة ومنظّرون في النقد الأدبي والثقافي والجمالي مثل عبد الفتاح كيليطو، الذي يجلس على أكثر من عشرين كتاباً من بينها هذا الكتاب ذو العنوان الدّال على مكانة العربية في ضمائر الكتاب المغاربة وهو (أتكلم جميع اللغات ولكن بالعربية).
معرض الشارقة الدولي للكتاب يحتفي بالمغرب، وثقافته وروحه العربية بعد نحو 100 يوم من الآن، هي فترة قد تكون كافية لحشد الكثير من قراءة الشعر المغربي، والرواية، والنقد، وهو حقل فكري ومعرفي واسع ومتعدد الجماليات والأساليب والأفكار، وبالتأكيد سنعرف معنى جاذبية المغرب لكتّاب العالم، ولماذا يتكلم المغربي الفرنسية والإنجليزية، والإسبانية.. لكن بلسان عربي.
المصدر : https://www.microtv.ma/?p=31492