يعيش قطاع التعليم العمومي ببلادنا منذ مدة -ومعه الرأي العام الوطني- على إيقاع الإضرابات المتتالية والوقفات الاحتجاجية والمسيرات الحاشدة التي يشهدها هذا القطاع، وهو حق من حقوق المواطنة التي يضمنها دستور المملكة، وإن كان المرسوم المُنَظِّم للإضرابات في المغرب ما زال لم ير النور منذ عقود خالية!!؟؟
لن نَخُوض في مناقشة مطالب الطبقة التعليمية الواعية التي لا يمكن أن تكون إلا عادلة، ما دامت قد أَجْمَعَت عليها مختلف التنسيقيات التعليمية الوطنية؛ وإن كانت النقابات الأكثر تمثيلية في هذا المجال قد بَدَا عليها بعض التردد في بداية الأمر لأسباب مُبهَمة، قبل أن تحاول تدارك الموقف وتتبنى بدورها تلك المطالب خلال الفترة الأخيرة…
كما لن نَخُوض في الأضرار المتعددة التي تترتب عن هذه الإضرابات المتتالية، والتي تَلحق بالأسرة التعليمية قبل غيرها، كما تَلحق بالتلاميذ والآباء والأمهات وأولياء الأمور الذين لهم علاقة مباشرة بالتعليم العمومي، وَيَتَخَوفون على مصائر أبنائهم وبناتهم في ظِلِّ المعاناة الحالية، أَحْرَى إذا ما تَمَّ تصعيد المواقف النضالية جَرَّاءَ لا مبالاة الوزارة المعنية…
ولكننا نرى من واجبنا في حزب الوحدة والديمقراطية أن نُنَبِّه كلَّ من يعنيه الأمر إلى أن الدفع في اتجاه تشجيع التعليم الخصوصي الذي أصبح المسؤولون يسلكونه بوضوح خلال العقـود الأخيـرة، لا يجب أن يكون على حساب التعليم العمومي الذي يُعْتَبَرُ المرتكز الأساسي لكل إصلاح لهذا القطاع الحيوي ببلادنا؛ ومن البديهي أن أي إصلاح لا يمكن أن يتحقق إلا بالعناية التامة مادياً ومعنوياً بالأسرة التعليمية رجالاً ونساءً، وفي البادية كما في المدينة، وَهُمُ الذين تَنْبَنِي على كَوَاهِلِهِم، وبِمجهوداتهم المُضْنِيَة، كل عملية تعليمية ناجحة…
ولذلك فإن الوزارة الوصية بصفة خاصة -التي نتساءل بالمناسبة عن الكيفية التي تم الجمع فيها بين التعليم والرياضة!؟- وكل المكونات الحكومية بصفة عامة، مُطالبة بأن تتحمل مسؤوليتها الجسيمة كاملة وتُعيد النظر عاجلاً في ما سُمِّيَ ظُلماً وتعسُّفاً ب (النظام الأساسي الخاص لموظفي وزارة التربية الوطنية)، وذلك من خلال تحكيم العقل وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين المغاربة، والعمل بِجِدٍّ في سبيل إيجاد الحلول الملائمة والجذرية والسريعة لهذا القطاع الحيوي، في إطار الحوار المُثْمر وتبادل الرأي مع كل الجهات المهتمة، عِوض الالتجاء إلى الاقتطاعات ومحاولات القمع التي لا تُجْدِي نَفعاً؛ ولاشك أن من أولويات الحلول الناجعة تلبية مطالب الأسرة التعليمية المشروعة التي من شأنها أن تحافظ على كرامة هذه الأسرة برجالها ونسائها، لأن في الحفاظ على كرامة هؤلاء جميعاً حفاظاً على كرامة المجتمع المغربي حاضراً ومستقبلاً…
المصدر : https://www.microtv.ma/?p=19372