(شعبُ الجبارين) هي التسمية التي كان يحلو للرئيس الراحل ياسر عرفات أن يُطلقها على الشعب الفلسطيني المجاهد، وها هو ذا مرة أخرى يؤكد هذا الشعب البطل أنه فعلاً (شعب الجبارين)!!
شعبٌ آمَن بصدقية قضيته حتى النخاع لا يمكن أن يُقهَر وينهار ويستسلم، مهما طال الزمان وتعاقبت الأجيال، ومهما حاول أن يُنكر وجودَه البعيد، وأن يتنكر لقضيته القريب… لم يُثنِه التقتيل والتشريد، ولا الاعتقال والتنكيل، ولا السجن والتعذيب، عن الجهاد والنضال والكفاح في سبيل عدالة قضيته… رحَّلوه عن أرض أجداده وطردوه من مسكن أبنائه، فلم يزده ذلك إلا تشبثاً وتعلقاً بأرضه ومسكنه!!
احتارت كل قِوى الشر والنفاق في أمر هذا الشعب الصامد كجُلمود صخرٍ في وجه المحتل الغاصب، فحاولوا أن يُرَكِّعوه بكل الوسائل… إلا أن التفقير والحاجة والتجويع كان مما يُقوِّي التآخي والتلاحم والتكافل بين فئاته… ثم اتهموه بالإرهاب فأبان لهم أنه شعب متدين مسالم!!
كان وعد بلفور المشؤوم قبل قرن من الزمان أو يزيد، وكان الإعلان الظالم بإنشاء الكيان الصهيوني قبل أزيد من سبعين عاما، وكانت آخر معركة للدفاع عن الشرف خاضها حكام العرب ضد دويلة إسرائيل قبل نصف قرن بالتمام والكمال يوماً بيوم؛ وفي كل محطة يتوهم الصهاينة وأسيادهم بأنهم قد وصلوا إلى المراد وحققوا المبتغى… ولكنْ في كل مرة يخرج هذا الشعب الأَبِيُّ كطائر الفينيق من تحت الرماد مجدداً!!
حتى انبعث (طوفان الأقصى) أقسى وأقوى وأنكى على العدو من كـل طـوفان سـابق…
2/1
فلم تنفع الحصون والحواجز، ولا الذبابات والطائرات، ولا المخابرات والاستعلامات، ولا أنواع العتاد المتقدم والوهم التكنولوجي المتطور، في إيقاف الهجوم الناجح ومواجهة المد الكاسح؛ فكان ما كان مما سيسجله التاريخ وستخلده الأجيال وتذكره الأزمان… مئات القتلى وآلاف الجرحى وعدد لا يُحصَى من الرهائن والمفقودين… وفوق هذا وذاك زرع الخوف والرعب في نفوس الغاصبين المحتلين!!؟؟
صبراً جميلاً واللهُ المستعان آل غزة / العزة وكلَّ آل فلسطين العزيزة، لقد أنجزتم المستحيل فأصبح أعداء الله وأعداؤكم يخبطون خبط عشواء في فزع وفتنة، تائهين هائمين على وجوههم (يُخرِّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين)…
ومهما كان الثمن الذي سيؤديه (شعب الجبارين) غالياً، فإن (طوفان الأقصى) قد حقق هدفه الأسمى، إذ سيترك الآثار الواضحة والبصمات المؤثرة سواء بالنسبة للمقاومة الفلسطينية الميمونة، أو بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية وحكامها أيضاً، أو بالنسبة لسائر الدول المحبة للسلام والعدالة والحرية، وكذا بالنسبة للعدو الصهيوني ومكوناته المختلفة، وبالنسبة للمنافقين المتبجحين شكلاً بالديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان، وهم في العمق يصنعون القتل والفتك والتنكيل والتهجير والتجويع ظلماً وعدواناً!!
فتحية إكبارٍ وإجلالٍ وتأييدٍ ومساندةٍ للمقاومة الفلسطينية الباسلة التي رفعت رأس العرب والمسلمين عالياً، وأعادت لنا الثقة في نفوسنا المنهارة، وزرعت فينا نَفَساً من كرامتنا المهدورة ونفحةً من الفخر بإنسانيتنا المنكوبة…
ندعو الله تعالى لكم بالنصر والتأييد والتمكين حتى تُحرروا أرضكم وتُقيموا دولتكم؛ فأنتم تجاهدون في سبيل قضية عادلة بوسائل مشروعة، ونحن قلوبنا تنبض بكم وعواطفنا تهتز لكم وكل جوارحنا تلهج بذكركم… (ولا نامت أعين الجبناء!!).
2/2
المصدر : https://www.microtv.ma/?p=18303