أحياء البيضاء تتنفس تحت الماء 

admin
مجتمع
admin17 ديسمبر 2022آخر تحديث : السبت 17 ديسمبر 2022 - 4:01 مساءً
أحياء البيضاء تتنفس تحت الماء 

المصطفى قصاب

الدار البيضاء غرقت من قطرتين،  “اللهم ارزقنا الأمطار على قدر مجارينا”. 

ووجه ساكنة الدارالبيضاء   سهام نقدها إلى المسؤولين على تسيير المدينة: “لك الله يا مدينة الدار البيضاء، ماذا فعل كل هؤلاء الكادحون من السكان لكي يعاقبوا بمثل هذا المجلس ومثل هؤلاء المسؤولين”.  

ففصل الشتاء هو الوحيد القادر على فضح المسؤولين، وأن ساعات من الأمطار التي أغرقت المدينة، كشفت عورة عن تدبير الأمور، وعرت الوجه القبيح للفساد والرشوة والصفقات النتنة، وأزاحت الماكياج عن وجوههم، وعرت شعاراتهم حول الحكامة والشفافية. 

وأن المنظر القبيح والذي كشف هراء شعاراتهم حول التنمية المفترى عليها أمام كاميرات العالم قد جعل مسؤولينا يشعرون قليلاً بالخجل أمام هذه الفضيحة بكل المقاييس، والتي تتكرر في كل مرة أجادت بها السماء علينا بقليل من الأمطار. 

إن الفساد والرشوة وسياسة الريع والصفقات المشبوهة وإسناد التدبير لنخب فاسدة وانتهازية هي التي جعلت الدار البيضاء تغرق في الماء وسط ذهول الجميع، لا بد من ربط المسؤولية بالمحاسبة والقطع مع الإفلات من العقاب، فالفساد والجشع حوّل مدننا إلى جحيم وجعل الحياة فيها تختنق. كفى فساداً وهدراً للمال العام. 

فطوال هذه الأيام شهدت الدار البيضاء تساقطات مطرية استثنائية كانت سببا في حدوث فيضان في مجموعة من المناطق في العاصمة الاقتصادية

وإذا كان المجلس الجماعي للدار البيضاء فضل لغة الصمت واكتفى ببعض الخرجات الخشبية، فإن شركة ليدك التي تدبر قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل في البيضاء منذ 1997، لم تخرج  من أجل توضيح الكثير من المعطيات التي تتعلق بهذا الحدث الذي شغل الرأي العام البيضاوي في الأيام الأخيرة. 

إن التساقطات المطرية الأخيرة تميزت بغزارتها القوية في فترات قصيرة مع تباينها من منطقة إلى أخرى، ناهيك عن ضعف طاقة الشبكات التي لم يتم صيانتها بالشكل المطلوب، و أما المناطق غير مجهزة بشبكات التطهير، فحدث و لا حرج. 

وإذا كان الكثير من العارفين بما يجري في البيضاء يؤكدون أن المدينة تتوسع بشكل كبير دون أن يرافق ذلك احداث بنيات تحتية في المستوى، فإن شركة ليدك تؤكد بدورها أن الدار البيضاء تعرف نموا عمرانيا قويا بسرعة تفوق الطاقة الاستيعابية لشبكات التطهير السائل، وهو ما يستوجب تعزيز شبكة تطهير مياه الأمطار في المناطق الحساسة المعرضة للتدفقات المائية. لم تؤخذ هذه العناصر بعين الاعتبار في القدرة الاستثمارية للتدبير المفوض. 

من الضروري مساءلة الشركة المفوض لها حول مدى الوفاء بالتزاماتها التعاقدية، وحول تأمينها الصيانة الاعتيادية المستمرة اللازمة لحسن سير التجهيزات المتعلقة بصيانة شبكات تصريف المياه والتطهير السائل، من أجل استمراريةِ وحسنِ سير هذا المرفق العمومي الحيوي ومدى تناسب الإمكانيات والموارد البشرية واللوجستية التي رصدتها، مع حجم الخطر. 

ختاما يجب أن يتحلى كل مسؤول بروح المواطنة ، و تفضيل المصلحة العامة على المصلحة الشخصية لأنها أمانة في عنق كل مسؤول.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.